القائمة الرئيسية

الصفحات

أسباب انهيار الامم

أسباب انهيار الامم

أسباب انهيار الامم 

وإذا ما ألقينا نظرة على الحضارات السابقة نجد أن معظم الانهيارات ترجع إلى قارضٍ أخلاقي كالقارض الذي تسلط على سد " إرم " ، وأحيانا لا نشعر بالمساوئ الأخلاقية وهي تنخر بهدوء في قيم المجتمع ، وإذا ما شعرنا بها يكون الزمن قد ولى ، مثلها مثل السرطان ، فكما لا نستطيع غالبا أن نفطن إلى وجود السرطان إلا بعد غزوه المناطق شديدة الحساسية في البنية ، وبعد أن تبدأ الرحلة إلى الآخرة ، فكذلك هذه المساوئ .

نعم ، كيفما يفعل السرطان في بنية الإنسان تفعل المساوئ الأخلاقية في حياة الأمم ، فإن تغافل رؤساء الدول ثم أرباب الأسر والمربون والأمة جميعا عن مثل هذا الانحطاط الأخلاقي لانهارت الأمة كلها انهيارا مدوِّيا ، وربما لا يتنبه البعض من الغفلة حتى لو انهارت أركان الأمة كافة ، ولعل البعض الآخر يرى الأمر طبيعيا کالأحياء التي تعيش تحت الأنقاض بحجة أن هذه هي الحياة .

أجل ، إذا ما تطرقنا إلى الأسباب الرئيسة وراء انهيار الأمم لرأينا بشكل عام :

طيش الشباب واستهتارهم ، والرغبة في إحياء المشاعر البهيمية لدى أصحاب نزعات التحرر ، والانغماس في الشهوات ، وابتغاء المجتمع الدنيا ونسيانه الآخرة ، والبعد عن الله والإعراض عن القرآن ، وانسلاخ القلوب من مشاعر الخوف والمهابة ، وانجرار كل شيء إلى المادة .

ومعظم هذه العوامل هي السبب في انهيار العديد من الدول التي من جملتها الدولة العثمانية ، وفي حين أننا كنا نريد التخلص من الأزمات التي أحدثتها الفراغات المعنوية إذا بنا نستعين بأمور دنيوية تزيد من حدتها ، وندخل في دائرة فاسدة ، بيد أن المشكلة تنبع من فقدان الأمم لمعنوياتها


وابتعادها عن القرآن ومبادئ الإسلام ونسيانها لربها عز وجل ، فأصبح مصدر الداء دواء لمن يبحثون عن دواء لجرحهم العميق .

هذا وإن نقطة الانحراف معروفة واضحة ؛ إذ كان كل شيء ينشأ عن الانغماس في المادة وإهمال المعنى ، بيد أن الحياة المادية تشكل جانبا من حياة الإنسان ، والحياة المعنوية تشكل الجانب الآخر منها ، بل جوهرها ، ومثل هذا القصور المعنوي لا يمكن سده بالمادة .

في الواقع أنه يمكن لكل شيء أن يحقق التوازن إذا ما تم الأخذ بالمادة والمعنى على السواء وفق قدر ومقدار كل منهما ؛ يعني يتحقق التوازن والنجاح إن وفينا حق الله بما يليق بعظمته سبحانه ، وقدرنا القرآن حق قدره ، ووجهنا اهتمامنا وتقديرنا للدنيا على حسب قيمتها وللآخرة كما يليق بها .

يقول الله تعالى في كتابه الكريم : « وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ( سورة القصص : ۷۷/۲۸ ) ؛ أجل ، يجب أن نستغل ما أنعم الله علينا به من صحة وعافية وثروة وعقل وأن نستعد بذلك للآخرة ، ولا ننسى في الوقت ذاته نصيبنا من الدنيا ، هذا هو مقياس القرآن الكريم ، فلو تحقق التوازن بين الدنيا والعقبی حسب هذا المبدإ القرآني ما أصابنا هذا القدر من البؤس والتعاسة .

ومن ثم أقول إن الضرورة تقتضي عند تناول مسألة التربية في الأسرة أن نبحث فيما يمكن الاتفاق فيه على المبادئ الأخلاقية ، خاصة في هذا العصر الذي تمنع فيه الملذات الدنيوية الفرد من ذكر الله .
تتعرض كل أمة لفترات من الازدهار وأخرى من الانحطاط ، وإنما ترتقي بالمبادئ التي ترفع من شأنها ، وتتدهور بالعوامل التي تحط من
ما أنعم الله علينا به من صحة وعافية وثروة وعقل وأن نستعد بذلك للآخرة ، ولا ننسى في الوقت ذاته نصيبنا من الدنيا ، هذا هو مقياس القرآن الكريم ، فلو تحقق التوازن بين الدنيا والعقبی حسب هذا المبدإ القرآني ما أصابنا هذا القدر من البؤس والتعاسة .

ومن ثم أقول إن الضرورة تقتضي عند تناول مسألة التربية في الأسرة أن نبحث فيما يمكن الاتفاق فيه على المبادئ الأخلاقية ، خاصة في هذا العصر الذي تمنع فيه الملذات الدنيوية الفرد عن ذكر الله.
تتعرض كل أمة لفترات من الازدهار وأخرى من الانحطاط ، وإنما ترتقي بالمبادئ التي ترفع من شأنها ، وتتدهور بالعوامل التي تحط من قدرها ؛ لأن قوانين الكون تجري في أطر جبرية مشروطة ، وبما أن الطبيعة جزء من الكون فقد خلقها الله في الظاهر تابعة لهذه القوانين الجبرية ، ولذا لا بد من مراعاة قوانين الطبيعة والآيات التكوينية ، فإن اعتمدتم على غفران هذه القوانين لكم أو على تسامحها وتجاوزها عن أخطائكم ، ثم قصرتم في بعض وظائفكم لنبذتكم وقضت عليكم . أجل ، فلا غفران لدى الآيات التكوينية التي هي قوانين الشريعة الفطرية ، إنها لا تسامح أو تغفر ألبتّة ، فإذا ما أحسنّا اختيار المنهج حسب هذه القوانين رفعنا الله إلى مرتبة أعلى عليين ، وإن قصرنا في مراعاة الأسباب تردينا إلى أسفل سافلين إلا بفضل من الله ومنّة .
وإن كنا سنرجع مرة أخرى إلى المشكلة الرئيسة فعلينا أن نجيب على الأسئلة التالية :
هل أنتم على قناعة بأن هناك عوامل خطيرة وأسبابا موضوعية وراء فساد الأخلاق ؟ وهل تصدقون حقيقة بوجود أزمة أخلاقية ؟ وهل تنظرون إلى حياتكم الفوضوية الحالية على أنها فساد أخلاقي أم أنها مظهر لوضع عادي ؟

●محمد فتح الله كولن● 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات